صرخ الطيار المدني بهذه العبارة , وهو يقود طائرته فوق جزر البهاما عام 1968 , عندما شاهد مع زميله جزيرة صغيرة تبرز من المحيط , بالقرب من جزيرة ( بيمن ) واسرع يلتقط الة التصوير الخاصة به ويملأ فيلمها بصور لذلك الجزء من القارة المفقودة التي الهبت الخيال طويلا .....
قارة " أطلانطس " ....
ولكن لماذا تصور الطيار وزميله ان هذا الجزء الذي يحوي أطلالا قديمة هو جزء من قارة الخيال والغموض
ان الجواب يعود الى يونيو 1940 عندما أعلن الوسيط الروحي الشهير " إدجار كايس " واحدة من أشهر نبوءاته عبر تاريخه الطويل , إذ قال انه ومن خلال وساطة روحية قوية يتوقع ان يبرز جزء من قارة أطلانطس الغارقة بالقرب من جزر بهاما مابين عامي 1968 و 1969 م
ولقد أتهم عديدون كايس بالشعوذة والنصب عندما أعلن هذه النبوءة وعلى الرغم من هذا فقد انتظر العالم ظهور اطلنطس بفارغ الصبر ..
وكان لظهور ذلك الجزء في نفس الزمان والمكان الذين حددهما كايس في نبوءته وقع الصاعقة على الجميع مؤيدين ومعارضين , إذ كان في رأي الجميع الدليل الوحيد الملموس على وجود أطلنطس ...
هذا لان قارة أطلنطس ظلت دائما مجرد أسطورة يعجز أي عالم أو باحث أثري مهما بلغت شهرته وخبرته عن إثبات أو نفي وجودها بصورة قاطعة جازمة
والحديث عن أطلنطس يعود الى زمن قديم , أقدم مما يمكن ان نتصور , فقد ورد ذكرها لاول مرة في محاورات أفلاطون حوالي عام 335 ق. م , ففي محاورته الشهيرة المعروفة باسم ( تيماوس ) يحكي كريتياس أن الكهنة المصريين أستقبلوا ( صولون ) في معابدهم ( وهذه حقيقة تاريخية ) ثم يشير إلى أنهم أخبروا ( صولون ) عن قصة قديمة تحويها سجلاتهم تقول : أنه كانت هناك إمبراطورية عظيمة تعرف باسم أطلنطس تحتل قارة هائلة خلف أعمدة " هرقل " ( مضيق جبل طارق حاليا ) وأنها كانت اكبر من شمال افريقيا واسيا الصغرى مجتمعتين وخلفها سلسلة من الجزر تربط بينها وبين قارة ضخمة أخرى ..
وفي نفس المحاورة وصف " كريتياس " اطلنطس بأنها جنة الله سبحانه وتعالى في الارض .....
ففيها تنمو كل النباتات والخضروات والفواكه , وتحيا كل الحيوانات والطيور , وتتفجر فيها ينابيع المياه الحارة والباردة , وكل شيء فيها نظيف وجميل , وشعبها من ارقى الشعوب وأعظمها .....
له خبرات هندسية وعلمية تفوق – بعشرات المرات مايمكن ان تخيله في عصر افلاطون , إذ وصف كريتياس إقامتهم لشبكة من قنوات الري , والجسور , وارصفة الموانيء التي ترسو عندها سفنهم وأساطيلهم التجارية الضخمة
ثم يحكي كريتياس عن الحرب بين الاثينيين والاطلانطيين , ويصف كارثة مروعة محقت الجيش الاثيني , واغرقت قارة اطلانطس كلها في المحيط ...
وإلى هنا تنتهي المحاورة ...
وتبدأ المشكلة ...
مشكلة أطلانطس
في البداية تعامل الباحثون مع محاورة أفلاطون بصفتها رواية مثالية لوصف المدينة الفاضلة ( يوتوبيا ) وأنها مجرد خيال لا اكثر ...
ثم دس العلماء أنفهم في الامر ...
والسبب الذي جعل العلماء يفكرون في قصة اطلانطس هو أن فكرة وجود قارة وسيطة تربط مابين افريقيا وامريكا كانت تثير إهتمام العلماء الذين كانوا يتساءلون دوما عن سر وجود تشابه حضاري مابين العالمين القديم والجديد ويبحثون عن سبب علمي ومنطقي لوجود نفس النباتات والحيوانات في قارتين تفصلهما مساحة مائية هائلة ....
وفي الوقت نفسه كانت هناك تلك الظواهر الحضارية المدهشة , التي يجدها العلماء وسط أماكن لم تشتهر أبدا بالحضارة مع وجود اساطير متشابهة في تلك الاماكن تشير الى أن الالهة جاءت من حضارة أخرى وصنعت كل هذا ...
وجاء وجود أطلانطس ليضع تفسيرا لكل هذا الغموض ...
كان وجود قارة متقدمة في هذا الزمن القديم يريح عقول الجميع ويفترض وجود شعب متطور بنى حضارته في قلب الارض ونشر اجزاء منها في كل القارات ...
ولكن ...
اين الدليل على وجود اطلانطس ذات يوم
ان قصة افلاطون مازالت تتأرجح مابين الخيال ونصف الخيال ...والحقيقة
فليس هناك تأكيد لهذه القصة عند المصريين القدماء أنفسهم , ولايوجد دليل على ان اثينا كانت يوما بهذه القوة التي تمكنها من التصدي لحضارة متطورة كحضارة أطلانطس ..
وفي نفس الوقت هناك من العلماء من يؤكد وجود اطلانطس ويشير الى ان افلاطون أخطأ في التاريخ والزمن فحسب وحجتهم في هذا هي كشف حقيقة وجود مدينة " طروادة " الشهيرة
وطروادة هذه مدينة أسطورية ذكرها الشاعر الاغريقي الشهير " هوميروس " في ملحمتيه الشهيرتين " الالياذة " و" الأوديسا " حوالي عام 850 ق . م , أي قبل افلاطون بخمسة قرون , وظل الدارسون يعتقدون ان طروادة مجرد خيال من بنات افكار هوميروس حتى جاء الالماني " هنريش شوليمان " عام 1871 م لينتشل طروادة من التراب في " هيسارليك " في شمال غرب تركيا
وبعدهذا تم إكتشاف " قصر التيه " الذي جاء ذكره في اسطورة وحش " المينوتور " الشهيرة وتم اكتشاف ان التيه فعلا حقيقة عام 1900 م ...
فلماذا لاينطبق هذا على اطلانطس
مادامت طروادة وقصر التيه كانتا اسطورتين وعثر عليهما مكتشفون , فلماذا لايعثر ثالث على اطلانطس التي تعد اسطورة ايضا
ومن هذا المنطلق بدأت عشرات المحاولات لاثبات وجود اطلانطس وراح العلماء يبحثون عن اماكن أخرى بخلاف المحيط الاطلسي يمكن ان تكون المهد الحقيقي لاطلانطس , فاشار احد العلماء الى ان اطلانطس هي نفسها قارة امريكا , واكد اخر ان الجزر البريطانية هي جزء من قارة اطلانطس في حين اقترح البعض الاخر وجودها في السويد او المحيط الهندي أو حتى القطب الشمالي ...
ثم جاءت نبوءة " كايس " لتضع قاعدة جديدة للقضية كلها ..
وبعد طهور جزيرة كايس الصغيرة والمباني أو الاطلال الاثرية فوقها قرر باحث وأديب وغواص شهير يدعى " تشارلز بير ليتز " ان يبحث عن اطلانطس في نفس الموقع وبدا بحثه بالفعل ليلتقط عددا من الصور لاطلال واضحة في قاع المحيط ومكعبات صخرية ضخمة ذات زوايا قائمة مقدارها تسعين درجة بالضبط مما ينفي احتمال صنعها بوساطة الطبيعة وعوامل التعرية وحدها
ولم يكن هذا وحده ماتم العثور عليه في تلك المنطقة من المحيط ...
لقد عثر الباحثون بالقرب من سواحل فنزويلا على سور طوله أكثر من مائة وعشرين كيلومترا في اعماق المحيط , وعثر السوفيت شمال كوبا على عشرة افدنة من اطلال المباني القديمة في قاع المحيط
وشاهدت ماسحة محيطات فرنسية درجات سلم منحوتة في القاع بالقرب من بورتوريكو
وعلى الرغم من هذا فالجدل لايزال قائما حول حقيقة اطلانطس ...
والنظريات لم تنته ..
من بين هذه النظريات تقول ان سكان اطلانطس قد اتو من كوكب اخر في سفينة فضائية ضخمة استقرت على سطح المحيط الاطلسي وانهم انتشروا في الارض وصنعوا كل مايثير دهشتنا في كهوف " تيسلي " ب ليبيا , وبطارية " بغداد " , وحضارة مصر , وانهم كانوا عمالقة زرق البشرة ( وهناك اشارة الى هذا في بعض الروايات بالفعل ) ثم شن الاثينيون حربا عليهم فنسفوا الجيش الاثيني بقنبلة ذرية أو مايشبه هذا وبعدها رحلوا وتركوا خلفهم كل هذه الاثار ...
وعلى الرغم من غرابة هذه النظرية فانها تجد من يؤيدها وبكل حماس , مشيرا الى ان كل الالهة والملوك وصفوا في كل العصور تقريبا بانهم من اصحاب الدم " الازرق " او الدم النبيل ...
حتى اللون الازرق اطلقوا عليه اسم اللون الملكي
وهناك نظرية أخرى للبروفيسير " فروست " تربط بين اطلانطس وجزيرة " كريت " التي حملت يوما حضارة عظيمة ومبهرة تشابهت في كثير من وجوهها مع حضارة اطلانطس ...
فكل من الحضارتين نشات في جزيرة وكلتاهما لقيت نهاية مفاجئة ....
كما ان هناك مراسم صيد الثيران والميناء العظيم والحمامات الضخمة والملاعب الرياضية وكل الاشياء الاخرى التي عثر عليها في كريت وذكرها افلاطون في المحاورة ....
ويؤيد البروفيسير " لوتش " في كتابه ( نهاية اطلانطس ) هذا , ويؤكد ان اختفاء اطلانطس مجازي وليس حقيقي , وانها لم تغرق في قاع المحيط وانما تعرضت لكارثة أودت بها مثل كارثة بركان " كراكاتوا " عندما ثار ودمر جزيرة كاملة ...
وكل النظريات التي ظهرت تفتقر الى دليل ...
الى الدليل العلمي القوي ...
وحتى لحظة كتابة هذه السطور مازال عشرات العلماء يبحثون عن قارة اطلانطس التي اصبحت قارة الغموض والخيال في عقول العلماء والأدباء ...
عشرات النظريات تحدثت عنها ..
مئات المقالات والكتب كتبت اسمها ..
اعداد لاحصر لها من الروايات الخيالية تفترض وجودها والعثور عليها وينسج الخيال مغامرات مثيرة داخلها عن حضارتها وتقدمها ...
وعن شعبها الغامض ..
أولئك الذين اقاموا اكثر حضارات التاريخ غموضا وإثارة ..
الذين تزعموا العالم يوما ...
والذين ذهبوا ...
وبلا عودة